فى العقد الرابع من القرن الماضى .. عرض الروائى الأيرلندى "صمويل بيكيت"  مسرحيته الشهيرة "فى إنتظار جودو" والتى كانت من أهم مسرحياته عبر تاريخه فى المسرح العبثى بوصفه أحد مؤسسيه .. تروى المسرحية عن شخصيات مهمشة تنتظر بطل لا تعرفه ليغير مجرى حياتها .. ويستمر الإنتظار طويلا .. وتنتهى المسرحية دون أن يعد جودو .. كانت المسرحية الشهيرة بمثابة صفعة للشعوب المتضررة من الحرب العالمية الثانية التى ظنت بأن بطلا ما سيأتى يوما لينتشلها من الدمار .. ولحثها ع صنع قرارها وتحديد مصيرها بيدها لا أن تتنظر المجهول .تذكرت صمويل بيكيت ومسرحيته فورما إنتهت حلقة يسرى فودة "المنتظرة"وضيوفه إبراهيم عيسى وعلاء الأسوانى  .. لقد كانت مخيبة للأمال فضلا على أن الظروف التى سبقتها من إلغاء للحلقة من قبل يسرى فودة قبلها بأسبوعين والضجة المصاحبة لها وتلاها بيان يتسم بالغيوم ثم مقال ليسرى يزيد الحالة إثارة .. مرت الأيام والمتابعين ينتظرون عودة يسرى إلى أن أعلن عن العودة بنفس الضيوف .. تأهب الجميع للحلقة النارية التى تم إلغائها من قبل رافضا الوصاية العسكرية والرقيب العسكرى على الإعلام الثورى الحر .. وما إن ظهر يسرى على شاشات التلفاز حتى أطلق مقدمة راقت لكل من يمنى نفسه بإعلام حر يعبر عن رفض الثورة للمجلس العسكرى كاشفا لكل جرائمة تجاه الثورة وثوارها .. الإ أن ما ظهر فى الحلقة كان مخيبا للأمال سواء من يسرى أو عيسى والأسوانى كما تابعتموها .. للدرجة التى جعلت لقطة تسجيلية للناشط المعتقل "علاء عبد الفتاح" وهو يتحدث بطلاقاته البسيطة قبيل إعتقاله " الجيش قام بمجرزة عسكرية وبيحاول التنصل منها" هى أدق مافى الحلقة جنبا إلى جمب مدخلة المحامى اليسارى خالد على وناصر أمين .ما ذكرنى بالمسرحية ليس رغبتى فى نقد يسرى فودة على الحلقة الغير واضحة المعالم كما كان بيانه ومقاله فى المصرى اليوم .. أو رغبتى فى إنتقاد إبراهيم عيسى والحديث عن تزاوج السلطة بالبيزنس وتأثيرهما عليه وإنحيازه للمجلس العسكرى ضد الشعب المخرب أو عن علاء الأسوانى وهو يتحدث عن الشرطة العسكرية بكل إحترام وتفرغه لمعركة الدستور .. ذلك الحديث الخائب الذى يدور وسط كل تلك الضجة فى أعقاب جريمة أخرى للجيش المصرى فى دمياط إستشهد على أثرها 3 مواطنون نتيجة دفاعهم عن حقهم فى الحياة وحق أبناءهم وجريمة للداخلية جديدة فى أسوان بقتل مراكبى .. ليس كل ذلك ما ذكرنى بالمسرحية .. ماذكرنى بها .. لما تنتظر الثورة أن يعبر عنها إعلاميين ؟ ولماذا من الأساس نبحث عن بطل يقوده الثوار من جديد ضد نظام لم يسقط بعد .. فالثورة مازالت فى الشوارع المصرية لم تخفى .. وبحق أصبحت من إسكندرية لأسوان .. الثورة باتت فى قلوب المصريين .. فالذى لم يشارك فى الثورة بات الأن يدافع عن حقه فى الحياة ضد ذات النظام القمعى الرأسمالى المستبد .. ولو أنه لم ينزل للميادين فهو يشعل الثورة فى مجال أخر .. حتى حزب الكنبة ذاته شارك فى التعبير عن رأيه من خلال إضرابات ومظاهرات فى عمله التى ينعتها العسكرى بالفئوية .. من كان يثق بالمجلس لعسكرى فلقد ذهبت ثقته أدراج الرياح بعد كل تلك الرائم فى حق الشعب المصرى .. ومن كان يأمن على نفسه فى داره .. إنتقض عندما علم بأن السلطة القمعية ستقضى على الجميع الآمن والثائر . إننا لا نحتاج لمنبر إعلامى ليعبر عن كرهنا للشرطة العسكرية .. ولا نحتاج لأحدهم لأن يوضح أن الجيش المصرى يعامل المصريين كما الداخلية قبل الثورة بل أسوء .. لن نحتاج لإعلامى أياكان دوره قبل الثورة أن يبصم لنا على شهادة تخوين المجلس العسكرى .. فشهادة التخوين تكمن فى قلوبنا جميعا منذ أول شهيد قتل بيد ظابط جيش مصرى .. لن نحتاج لخبير إستراتيجى ليؤكد لنا بأن الداخلية كما هى بل زادت الحيانة بلة .. لن نحتاج لصفحة ثورية قبل الثورة تحولت لصفحة إجتماعية باتت أقرب لصفحات منتدى "فتكات" أن تحرضنا على الثورة .. لماذا لا نحتاج لهؤلاء ؟ .. لأننا من نقود الثورة .. ولأننا من آمنا بها قبل وأثناءها وبعد 11 فبراير .. لأننا من شاهدنا الموت بأعيننا فى الميادين وألفناه وصادقناه ولعناه  .. نحن جثث الشهداء على أيادينا .. وملابسنا تزينت بدماءهم .. لأننا من نبات فى الميادين على أرض الواقع ونقف أمام المدرعات والدبابات .. نحن من إستشهد وأصيب أصدقاءنا فى الثورة وبعدها .. ما بينا وبين المجلس دم وليس مجرد خلاق ينتهى بجلسة ودية .. نعم نحن لا نحترم المجلس العسكري ونكره الشرطة العسكرية ولا نخشى ال 777 ولا نأتمن الجيش المصرى على أنفسنا .. لا نثق بالشرطة معقل الأوغاد .. نحن لا نمجد أحد على حسابنا أو حساب الشهداء .. لا نذكى أحد على الثورة .. وأوضح بأننا لا نخون أحد من فراغ فليس بيننا وبينه مصالح شخصية .. إن طريق الثورة واضح للعيان .. لا يحتمل وجهات النظر المختلفة فى من الجانى ومن المجنى عليه .. قد تختلف فى التفاصيل فى كيفية الحدث وملابساته .. لكن الخلاف فى الجانى والمجنى عليه لهو حيانة لنا وللثورة مهما ان دورك فى الثورة أو ما قبلها .. إن السكوت عن الحق لهو إقرار بالباطل وتأييده .. ومادامت الثورة ثورة حق فلتكمل كما هى بيد من بدأها .. الأن وغدا وكل يوم هناك مواطن على أرض مصر يثور على نفسه المتخاذلة ويوجهها تجاه رأس الأفعى .. الثورة جاية جاية الجمعة فى الإنتخابات بعد الإنتخابات .. هتيجى وإحنا اللى هنكملها .. عشان جودو مش هيجى أبدا 
 ·  ·  · Share · Delete